مروة صابر

الأحد، 27 فبراير 2011

حكايات من ميدان التحرير (2)


      ريم (2)


قالوا  لى : إن هذة الأمور عادية جدا  

فقبل فترة  الترقيات و حركة  التنقلات  يقوم الضباط  بحركات اعتقال عشوائية  

للناس  ويقوموا بتلفيق التهم  لهم

ويضربوهم ويعذبوهم ليعترفوا بالجريمة التى  لم يرتكبوها  وغن أصروا

على عدم الإعتراف  يعذبوهم حتى الموت  وإن اعترفوا تحت ضغط التعذيب  

يذهبوا إلى الضابط  رئيس المباحث  ليأخذوا العلاوة  أو الترقية

اندهشت جدا  وانسابت دموعى  على خدى
وتساءلت فى نفسى:

هل حياة الناس  لا تساوى عند هؤلاء  سوى  علاوة  وترقية  ما هذا الظلم  

أخذت أبكى بشدة   ياترى  يا زوجى  أين انت ؟

هل أنت على قيد الحياة  ام فى طريقك  إلى الموت ؟
هل يعذبوك  ياحبيبى
أين أنت  يا زوجى ؟
دارت بى الأرض  فوقعت من شدة الإعياء
فاخذ والدى  يهدأنى  
وبعد دقائق    تماسكت ووقفت لأكمل رحلة البحث عن زوجى
استوقفت  تاكسى  وذهبنا إلى قسم شرطة العامرية 

وبينما أنا فى طريقى لقسم العامرية القسم الوحيد  الذى لم أذهب إليه  بعد 

رأيت سيارة  شرطة  تتجه بسرعة شديدة نحو  القسم  

كان بها عدة رجال لكنى لم أستطع  ان أتبين ملامحهم 

طلبت من السائق  أن يسرع  ولما وصلت  كان  هؤلاء الرجال 

ينزلون من السيارة ويأخذهم  الضباط  إلى داخل القسم  

وقفت أنظر إليهم  
نعم  إنه  هو  
وجه زوجى  
أخذت أنادى عليه   وأبكى  ولكن الضابط أدخله بسرعة إلى داخل القسم 

وبينما  أنا شاخصة ببصرى نحو   باب القسم

نادى على شاب  

فالتفت  فكان أحد الذين كانوا فى السيارة  

لو سمحتى أنا  مختفى فى الأقسام منذ شهر وأهلى لايعرفون مكانى 

أرجوك  أخبريهم أنى هنا 
ومد يده فى جيبه وأخرج ورقة  
وقال لى :  هذا رقم والدى 
وبينما أنا أمد يدى لألتقط  الورقة

ضربنى ضابط  على ظهرى   بقوة فوقعت على الأرض  وطارت ورقة الرقم 

شعرت بإحساس بشع   ما هذا الظلم  ؟ أحسست بآلام  شديدة فى بطنى  

آه  لقد نسيت أننى حامل 

خطر ببالى أن أدخل القسم وأرى زوجى مرة أخرى  ولكنى تذكرت كلام الناس  

عن هذا القسم فقد قالوا لى : إن داخله مفقود 

سرت كالتائه أحدث نفسى هل حقا  الذى رأيته هو زوجى  ولكن 

لم  وجهه   أزرق  وعيناه  حمراوتان ؟

زوجى  ماذا فعلوا بك  ؟

وللحديث بقية  إن شاء الله

مروة صابر  

السبت، 26 فبراير 2011

لم نكن نملك سواه !




كان يسكننى حلم كبير بأن كل شىء فى  بلدنا  سيتغير
وكنت كلما تحدثت مع زميلاتى  سخروا من كلامى 
وقالوا لى  مستحيل  يحدث  هذا التغيير  بلدنا ستظل هكذا

ولكى أكون صادقه أنا لم أكن أملك سوى حلم 
حاولت رسمه  أمام كل من يقابلنى 
ولكن معظمهم سخروا منه  أو ربما الواقع هو الذى سخر

لم أكن أعلم ما الذى  سيحدث لتتغير مصر
ولم يخطر ببالى أبدا أن تحدث ثورة 
ولكنى كنت أراقب  الضغوط التى تراكمت  على الناس 
حتى أصبح  الكل يشكو  من كل شىء 

تسير مع زملائك فى الجامعه فيشكون حال الأساتذه  وحال التعليم  والمصروفات

تركب الميكروباص  تسمع شكوى الناس من غلاء الأسعار  وتدنى الأجور 

تذهب إلى المصالح الحكوميه فترى الموظفين البؤساء 

والجميع يبدو عليه الصمت ولكنه يصرخ بداخله

وإن تشجع أحدهم  ورفع صوته ونادى بحقوقه  وجد يدا تربت على كتفه 

فيلتفت فيجد وجها طيبا سمحا يبدو عليه الشقاء 

يقول له : اصبر  هذا حالنا جميعا ولا تحاول رفع صوتك ثانيه ، أصوات كثيرة  ارتفعت ثم اختفى صوتها  للأبد  
فيقلع الرجل عن شجاعته ويتمسك بالصبر  

من المنطق أن يقوم هؤلاء الناس  بالثوره 
فربما يرى البعض أننا الشباب أقل ضغوطا من آبائنا
أومن يعولون أسرهم  والحقيقه أن نصيبنا من الضغوط كان أكبر

لأننا نشأنا فى عصر مختلف وظروف  عجيبه 
بالرغم من أن العالم تقدم  واعتمد فى تقدمه على الشباب
إلا أننا عانينا ا من التهميش الشديد فى كل مكان 
فى البيت  دفنت الأسره مواهبنا  وقالت انتبهوا لدراستكم  
ولما درسنا  قال لنا المعلم لاتجتهدوا كثيرا فالنتيجه معروفه مقدما  بعد التخرج  لاعمل ولا تعيين

والمشكله أن مرحلة الشباب  مرحله مليئه بالقوه والطاقه والحيويه 
ونحن لم نجد شيئا نفرغ فيه طاقتنا 
إذا تكلمنا قيل لنا عيب  و إذا طالبنا بحقوقنا  نصحنا الكبار بالصمت  
فتكون بداخلنا بركان خامد  من الغضب والسخط 
والإحساس الشديد بالظلم  والإحباط الشديد  وأمل قليل 
فلما نجح شباب تونس  ازداد داخلنا الأمل 
وبدأنا نقرأ تجربة تونس  وكانت ملهمتنا الحقيقيه الثورة التونسية

لم نتوقع أن كل هذا سيحدث 

مساء يوم 24 يناير سألتنى صديقة لى  : هل تعتقدين أن العدد سيكون كبير  وهل سيشارك كل الشباب ؟

قلت لها سيكون العدد محدودا  وسيأتى الأمن المركزى  لينهى كل شىء 

ثم صمت وقلت فى نفسى   ولكنى  أشعر أننا سننجح مثلما نجحت تونس

 المثير فى الأمر اختيار الشباب  ليوم 25 يناير يوم عيد الشرطه
كان اختيارا موفقا فقد استفز رجال الشرطه جدا واستفز الإعلام الحكومى

الذى بدأ يتحدث  عن مظاهرة 25 يناير  وبدون قصد منه

أعلم الجميع أن هناك مظاهرات يوم 25 يناير 
فهو كان يقصد  إحباط الشباب وتخويفهم ولكن حدث العكس

وكان أداة فاعلة فى الترويج ليوم 25 يناير 
بالإضافه إلى الفيس بوك  الذى بدأ هذة الثوره وتابعها

كان يحركنا الأمل والتفاؤل  وحبنا العميق لمصرنا الحبيبة 
لم تكن الصورة واضحه أمامنا ولم تكن مكتمله
   ولم نكن نعلم ما الذى سيحدث  بعد ساعات  ولم نتوقع أبدا سقوط شهداء 
والشهداء كانوا أول عامل من عوامل نجاح الثورة  

مرت الثورة  فى بداياتها  بعدة مراحل 

البذل والتضحيه

كان معظم الشباب لم يكن قد أنهى  امتحانات نصف العام ومع ذلك
  حاول أن يذاكر ويجتهد وينزل المظاهرات  ومنهم من ترك الإمتحانات  ولم يترك الميدان ساعة واحده

التحدى

فى هذة المرحلة  سقط الشهداء  الأبطال الذين أناروا لنا الطريق  فكبر داخلنا الأمل و  قويت إرادتنا وكانت معركة التحدى

الصمود

كلما سقط شهيد أو أصيب أحد كلما صمد الناس أكثر  وصمموا على تحقيق مطالبهم  التى ارتفعت 
حتى وصلت إلى ارحل
طبعا لم يكن هذا شعار اليوم الأول  أول شعار كان تغيير حريه عدالة اجتماعية

كان هناك سؤال يلح على دائما :
لم حاول النظام  إحباط الشباب ؟ ولم  حاول تهميشهم؟ 
ولم يريده شباب  لا هدف له؟  ولم يهيئون كل السبل لطرده من بلده؟ 
لم حرموه من أبسط حقوقه ؟
لم يريدون للسباب أن يكره وطنه وأن يكون بلا إنتماء؟ 

وبعد ثورة 25 يناير  عرفت الإجابة .

تحيه  لشهدائنا الكرام  تحيه لشبابنا البطل 

تحيه لكل الذين شاركوا فى هذة الثورة العظيمة

 تحيه لكل المصرين فى كل مكان  تحيه لك وطننا العظيم  نأسف  لأننا تأخرنا عليك

 والحمد  لله قد عدت لنا  و أصبح  لنا وطن 


مروة صابر 

الأحد، 13 فبراير 2011

حكايات من ميدان التحرير



حكايات معظمها مؤلم جدا  وقد آن لأبطالها أن يفرحوا 

                                                                                                                
                                                                                                               (1) ريم 



استليقت على ظهرى بعد منتصف الليل (فى مسجد عمر مكرم للسيدات ) لأنال قسطا من الراحة بعد يوم طويل من الهتاف 
والسير فى المظاهرات  فى الميدان ولأستعد لليوم التالى يوم جمعة الحسم  
ورغم برودة الجو  الشديدة إلا أن الحب الذى ألف بين القلوب  كان يدفىء المكان
فبمجرد أن تلمح عيناك وجها تبتسم فيجيبك هذا الوجه بإبتسامة  حانية
كنا نحيا فى عالم لم نر مثله قط سمعنا عنه فقط وقد قدر لنا الآن أن نعيشه لنستمتع بهذة الروح الرائعة  والصافية
بعد عدة  ساعات جاءت إحدى السيدات  لتقول إن لنا أخوات بالخارج يفترشون الرصيف فى هذا البرد القارص وقد قدموا إلى الميدان فى هذة الأثناء  ويحتاجون إلى أغطية (بطاطين ) فقام كل من كان متيقظا بنزع غطاءه من عليه وأعطاه لهذة المرأه ولم أنتبه أنى مازلت أسند رأسى على بطانيتى فخاطتبتنى إحداهن بشدة تطلب منى البطانية تبسمت ثم أعطتها إياها   
وأسندت رأسى على حقيبتى  ورحت فى نوم عميق انتبهت من نومى عند صلاة الفجر كان فجرا مختلفا تماما لم أذق فى حياتى حلاوة صلاة الفجر  إلا فى هذا اليوم  
ونمت مرة أخرى   وبينما أنا أتقلب شعرت بأحد عند قدمى  فقمت فزعة فابتسمت لى وقالت : لا تخافى أنا ريم  ثم حكت لى قصتها التى سأرويها على لسانها 

أنا هنا منذ يوم 25 يناير   أنا مقيمة بالأسكندرية  متزوجة منذ سنتين ابنتى لم تكمل السبعة شهور تركتها مع امى وأتيت إلى هنا  
لأطالب بحقى وحق زوجى  
أطالب بحق زوجى المعتقل بلا ذنب
أتعرفين كيف اعتقلوا زوجى ؟ والله شىء لن يصدقه عقل

صحبنى زوجى ذات يوم للطبيب لأنى كنت مريضة جدا فأخبرنى الطبيب بأنى حامل
فرحت جدا فمنذ عدة شهور وأنا أنتظر الحمل ولا يأتى وفرح زوجى كثيرا  وأخذ يداعبنى  وسعادتى فى هذا اليوم لا أستطيع وصفها 
انطلقنا صوب  المحطة وبينما نحن فى الطريق وقفت سيارة شرطة وأخذ الضباط زوجى

زوجى فى العشرين من عمره سيصبح أبا بعد عدة شهور يعمل فى مجال السياحة وقد كان فى أجازة لم يرتكب أى جريمة وليس له شأن بالسياسة

بعدما أخذوا منى زوجى تسمرت فى مكانى لم أدر ماذ أفعل هل أصرخ أبكى  أستغيث ولو فعلت من الذى سيسمعنى ؟

سألت نفسى أين أذهب وأين أبحث وماذا لو عرف والده بما حدث  سيسبنى  فهو  لم يكن يريدنى زوجة لأبنه  فماذ لو علم بما حدث ؟
توقفت عن التفكير وانطلقت أبحث فى أقسام الشرطة
فتشت كل الأقسام  بحثت عنه فى المستشفيات  ولم أعثر على شىء
قضيت أسبوعا كاملا على أرصفة الأقسام حتى تآكل جسمى من البرودة  أتوسل إلى هذا الضابط وذاك فكان يجيبنى بإهانة شديدة لى  فقررت عمل بلاغ عن اختفاء زوجى

فدخلت أحد الأقسام القريبة منى لعمل بلاغ فوجدت الضابط  يضرب رجلا ضربا مبرحا  ويقول له : ( هتعترف يا له  أنك سرقت ولا لأ فقال له الرجل : والله ما سرقتش يا باشا  ومعرفش أى حاجة
فانهال عليه ضربا أمامى  فبكى الرجل وقال   أنا سرقت ياباشا  ولو عايزينى أعترف إنى قتلت هاعترف ياباشا  فقال الضابط خدوا الكلب ده من هنا )
صدمت من المشهد  وخرجت  فورا من القسم وأقلعت عن فكرة البلاغ  وواصلت البحث عن زوجى
ودارت برأسى عشرات الأسئلة هل ياترى زوجى يعامل هذة المعاملة  لالالا سيكون بخير  ياترى ماذا فعلوا به ؟

أمام أحد الأقسام التقيت بأخريات  عرفت منهم أشياء غريبة وعجيبة  ثم تبين لى أنى لست وحدى  الذى أعانى هذة المعاناة القاسية   ولكن يبدو أنه كان لهم خبرة بحكم احداث  سابقة حدثت معهم
    سألتهم عن سبب احتجاز زوجى  
فقالوا لى ردا لم أتخيله أبدا  


وللحديث بقية 


مروة صابر